زيادات لا أصل لها في أدعية مأثورة
الحمد لله
الواجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يعرف عِظَمَ قدر الأدعيةِ النبوية ورفيع مكانتها وأنَّها مشتملةٌ على مجامع الخير وأبواب السعادةِ ومفاتيح الفلاح في الدنيا والآخرة، وأن يحذر من الزيادة والاستدراك على الدعوات المأثورة عن النبيِّ صلى الله عليه و سلم بإضافة كلمة يستحسنها أو زيادة جملة يستجودها، وفيما يلي ذكر لبعض النماذج لما هو شائع من هذا القبيل
- قول: يا مقلب القلوب والأبصار
وقد ثبت هذا الدعاء مرفوعاً إلى النبي عن غير واحد من الصّحابة بدون زيادة (والأبصار) منها: ما رواه الترمذي في جامعه (2140) والإمام أحمد في مسنده (12107) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول ((يا مقلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك))
- قول: لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقلّ من ذلك
روى أبو داود في سننه (5090) والإمام أحمد في مسنده (20702) وابن حبان في صحيحه (970) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((دعوات المكروب اللّهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لى شأنى كله لا إله إلا أنت))
- قول: من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه و سلم ، وعبادك الصالحون، وكذا في التعوّذ
فزيادة (وعبادك الصالحون) في السؤال والتعوّذ استدراك على هذا الدعاء الجامع الكامل
ومن المعلوم أن الصالحين من عباد الله ليس عندهم مطالب في أدعيتهم زائدة عن المأثور عنه صلى الله عليه وسلم
- قول: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو
روى الترمذي (3513) وصحّحه وابن ماجه (3850) والإمام أحمد (25423) والحاكم (1/530) وصحّحه عن عائشة رضي الله عنه قالت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو ؟ قال: (( تقولين: اللّهمّ إنّك عفوٌّ تحبُّ العفو فاعفُ عني ))
والكريم اسم من أسماء الله الحسنى، لكن لم يثبت في هذا الموضع ولا أصل له في هذا الحديث كما قرره الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه "تصحيح الدعاء" (ص506)
- قول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام
روى مسلم في صحيحه (591) عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: ((اللّهمّ أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام))
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه "تصحيح الدعاء" (ص431) ((وأما زيادة لفظ (وتعاليت) بعد لفظ (تباركت) فلا تثبت في هذا الحديث
- قول: أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
قد ثبت في السنة صيغ كثيرة للاستغفار ليس في شيء منها التقييد بالذنب العظيم
- قول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عزيز يا غفار. بين الركن اليماني والحجر الأسود
فزيادة (وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عزيز يا غفار) لا أصل لها، كما قرره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاواه (22/332)، وفي كتابه "الشرح الممتع" (7/248)
روى أبو داود والإمام أحمد وابن حبان وغيرهم عن عبد الله بن السائب قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول بين الركن والحجر((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار))
ومثل هذا كثيرٌ في واقع الناس وحالهم، واكتفيت ببعض الأمثلة تنبيهاً على نظائرها
==============
مختصر من مقالات فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله