الصبر على الطاعة
الحمد لله
فالصبر على طاعة الله: أن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة فيتمها ويتقنها ويجيدها
وهل يحتاج هذا إلى معاناة؟ الجواب: نعم يحتاج إلى معاناة، لا سيما مع ما شق في الطاعة، فإن الإنسان يجد معاناة
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرباط من جملة أوصاف المرابطين ( وإسباغ الوضوء على المكاره ) وفي رواية ( في السبرات) أي: أيام البرد؛ لأن أيام البرد يشق على الإنسان أن يتوضأ لبرودة الماء.
كذلك الصلاة تحتاج إلى معاناة وصبر، وليس الصبر في الصلاة على مجرد الحركات البدنية، فالحركات البدنية قد تكون سهلة مثل: القيام والركوع والسجود، هذا قد يكون سهلاً
لكن هناك صبر شاق متعب، وهو صبر القلب على عدم الوساوس، على عدم السرحان يميناً وشمالاً، وأكثرنا -نسأل الله أن يعاملنا بعفوه- أكثرنا يصلي ولكن قلبه ليس مصلياً، قلبه يجول يميناً وشمالاً، فهل نقول: إن هذا صابر؟ لا، ما صبر
فاحبس القلب، اجعله يتدبر ما تقول ويتأمل ما تفعل، فإذا قرأت الفاتحة فاصبر نفسك على أنك تخاطب رب العالمين جل وعلا، وإذا قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فالله يقول لك: حمدني عبدي، وإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فالله يقول لك: أثنى عليَّ عبدي، إذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } فالله يقول: مجدني عبدي، وإذا قلت:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل.
فاصبر قلبك على أنك تستحضر هذا المعنى العظيم
ثم اذكر قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق:16]
يعلم الوسوسة والذي يوسوس به، وحينئذٍ يكون هذا عوناً على حضور القلب، والشيطان سوف يهجم عليك، وإذا صددت القلب عن الهواجس في هذا الشيء فتح لك باباً ليس له قيمة ولا ينفعك لا في دينك ولا دنياك، فإذا سددته فتح آخر، لم يكن يطرأ على بالك أبداً .. وهلم جرا
فاصبر قلبك واحبسه عن الهواجس، وأحضره معك في صلاتك. هذا صبر على الطاعة
والإنسان في الحج يجد مشقةً عظيمة في الزحام .. في الطواف .. في السعي .. في رمي الجمرات .. في الطريق، فاصبر نفسك، لا تقل: ليتني ما حججت هذا العام. اصبر نفسك واحبسها على هذه المشقة. وهذا صبر على طاعة الله
وفي الصيام في أيام الصيف النهار طويل، والجو حار، والبدن يحتاج إلى رطوبة، فتنشف الأعضاء ويتألم الإنسان، ولكن اصبر نفسك، لا تتأسف على صوم تطوع، ولا تمل من صوم واجب
=============
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى