تفسير: ويل للمطففين

بسم الله الرحمن الرحيم
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ [1:5]المطففين
 
إن الله ابتدأ هذه السورة بكلمة (ويل)، و(ويل) تكررت في القرآن كثيراً، وهي على الأصح: كلمة وعيد يتوعد الله سبحانه وتعالى بها من خالف أمره، أو ارتكب نهيه، على الوجه المقيد في الجملة التي بعدها، فهنا يقول الله عز وجل: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ }[المطففين:1] 
 
فمن هؤلاء المطففين؟ المطففون فسرتهم الآية التي بعدها، فقال تعالى: 
{ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين:2-3] 
 (إذا اكتالوا على الناس) أي: إذا اشتروا منهم ما يكال استوفوا منهم الحق كاملاً بدون نقص، (وإذا كالوهم أو وزنوهم) أي: إذا كالوا لهم، أي: إذا باعوا الطعام كيلاً، فإنهم إذا كالوا للناس أو باعوا عليهم شيئاً وزناً (يخسرون) أي: ينقصون 
 
فهؤلاء والعياذ بالله يستوفون حقهم كاملاً وينقصون حق غيرهم، فجمعوا بين الأمرين، بين الشح والبخل؛ الشح في طلب حقهم كاملاً بدون مراعاة أو مسامحة، والبخل بمنع ما يجب عليهم من إتمام الوزن والكيل
 
وهذا الذي ذكره الله عز وجل في الكيل والوزن، وهو في الحقيقة مثال، فيقاس عليه كل ما أشبهه ممن طلب حقه كاملاً ممن هو عليه، ومنع الحق الذي عليه فإنه داخل في الآية الكريمة.فمثلاً: الزوج يريد من زوجته أن تعطيه حقه كاملاً وألا تتهاون في شيء من حقه، لكنه عند أداء حقها يتهاون ولا يعطيها الذي لها 
 
والغريب أيها الإخوة! أن هذا يقع كثيراً من الناس الذين ظاهرهم الالتزام، هل يظنون أن الالتزام أن يقوم الإنسان بعبادة الله فقط، ويضيع حقوق الناس؟إن ظلم الناس أشد من ظلم الإنسان نفسه بالتعدي على حق الله؛ لأن ظلم الإنسان نفسه في حق الله تحت المشيئة؛ إذا كان دون الشرك غفر له إن شاء وإن شاء عاقبه عليه، لكن حق الآدميين ليس داخلاً تحت المشيئة؛ لا بد من أن يُوفَّى

كذلك أيضاً نجد بعض الناس يريد من أولاده أن يقوموا بحقه على التمام، لكنه مفرط في حقوقهم، فيريد من أولاده أن يبروه ويقوموا بحقه؛ أن يبروه بالمال وبالبدن وفي كل شيء يكون فيه البر، لكنه مضيع لهؤلاء الأولاد، غير قائمٍ بما يجب عليه نحوهم فنقول: إنه مطفف ونقول له: تذكر قول الله تعالى:{ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }

 قال الله تعالى: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ }[المطففين:4-5]
ألا يتيقن هؤلاء ويعلمون علم اليقين؟ فالظن هنا بمعنى اليقين؛ والظن بمعنى اليقين يأتي كثيراً 
في القرآن، ألا يتيقن هؤلاء أنهم مبعوثون؟ أي: مُخرجون من قبورهم لله رب العالمين

{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } هذا اليوم العظيم، ولا شك أنه عظيم، عظيم في طوله وأهواله؛ فيما يحدث فيه،وفي كل معنى تحمله كلمة عظيم، لكن هذا اليوم العظيم هو على قوم عسير، وعلى قوم يسير، للمؤمن يكون يسيراً ويكون على الكافر عسيراً 

=============
 سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى 
 http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=111376

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر