ما يكون به الكفر والردة
الحمد لله
فإن الكفر والردة -والعياذ بالله- تكون بأمورٍ عدة:
فتكون بجحود الأمر المعلوم من الدين بالضرورة
وتكون بفعل الكفر
وبقول الكفر
وبالترك والإعراض عن دين الله عز وجل
فيكون الكفر بالاعتقاد كما لو اعتقد لله صاحبة أو ولدا أو اعتقد أن الله له شريك في الملك أو أن الله معه مدبرٌ في هذا الكون أو اعتقد أن أحدا يستحق العبادة غير الله أو اعتقد أن لله شريكا في الربوبية فإنه يكفر بهذا الاعتقاد كفرا أكبر مخرجا من الملة
ويكون الكفر بالفعل كما لو سجد للصنم أو فعل السحر أو فعل أي نوع من أنواع الشرك كأن دعا غير الله أو ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو طاف بغير بيت الله تقربا لذلك الغير فالكفر يكون بالفعل كما يكون بالقول
ويكون الكفر بالقول كما لو سب الله أو سب رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو سب دين الإسلام أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله -صلى الله عليه وسلم- أو بدينه، قال الله تعالى في جماعة في غزوة تبوك استهزءوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وبأصحابه { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان فدل على أن الكفر يكون بالفعل كما يكون بالاعتقاد ويكون بالقول أيضا كما سبق في الآية فإن هؤلاء كفروا بالقول
ويكون الكفر بالجحود والاعتقاد وهما شيء واحد وقد يكون بينهما فرق، فالجحود كأن يجحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة كأن يجحد ربوبية الله أو يجحد ألوهية الله أو استحقاقه للعبادة أو يجحد مَلَكًا من الملائكة أو يجحد رسولا من الرسل أو كتابا من الكتب المنزلة أو يجحد البعث أو الجنة أو النار أو الجزاء أو الحساب أو ينكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الحج أو وجوب الصوم أو يجحد تحريم الزنا أو تحريم الربا أو تحريم شرب الخمر أو تحريم عقوق الوالدين أو تحريم قطيعة الرحم أو تحريم الرشوة أو غير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة تحريمه
ويكون الكفر بالإعراض عن دين الله والترك والرفض لدين الله كأن يرفض دين الله بأن يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله فيكفر بهذا الإعراض والترك قال الله تعالى {
الكفر يكون بالاعتقاد ويكون بالجحود ويكون بالفعل ويكون بالقول ويكون بالإعراض والترك والرفض. ومن أُكره على التكلم بكلمة الكفر أو على فعل الكفر، فإنه يكون معذورا بشرط أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان، أما إذا اطمئن قلبه بالكفر، فإنه يكفر حتى مع الإكراه نسأل الله السلامة والعافية