حديث توسل الأعمى بالنبي
س: أنّ أعمى أتى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال:
" يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري. قال: "أو أدعك"، قال: يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري، فقال:"فانطلق فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قل: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم- نبي الرحمة ,يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي"
أليس في هذا الحديث سؤال برسول الله –عليه الصلاة والسلام- وهو شيء منهي عنه؟
الحمد لله
ج : هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته، فمنهم من قال إنه ضعيف، ومنهم من قال إنه حسن، وقد رواه الترمذي (3578) وقال حسن صحيح غريب، وصححه الألباني
ج : هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته، فمنهم من قال إنه ضعيف، ومنهم من قال إنه حسن، وقد رواه الترمذي (3578) وقال حسن صحيح غريب، وصححه الألباني
معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له، لأن هذا الدعاء نوع شفاعة. أما الآن وبعد موته صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت، بل الدعاء عبادة
ولهذا لم يلجأ الصحابة- رضي الله عنهم- عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم، بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قحط المطر
"اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون"[1]
وطلب من العباس رضي الله عنه أن يدعو الله -عز وجل- بالسقيا فدعا فسقوا
وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بعد موته أن يدعو لأحد، لأن ذلك متعذر لانقطاع علمه بموته صلوات الله وسلامه عليه-، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي – صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يمكن – ومن باب أولى – أن يدعو أحد النبي نفسه, بشيء من حاجاته أو مصالحه، فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، والذي حرم الله على من اتصف به الجنة، قال تعالى :
"وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ"[يونس:106] وقال تعالى: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" [المائدة:72]
فالمهم أن من دعا رسول الله – صلى الله عله وسلم- بعد وفاته أو غيره من الأموات لدفع ضرر أو جلب منفعة فهو مشرك شركاً أكبر مخرجا عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير، الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء
وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات ويجلب لهم الخيرات، وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك فكيف بعد موته؟! بعد أن كان جثة، وربما يكون رميماً قد أكلته الأرض، فيذهبون يدعونه ويتركون دعاء الله الذي أمرهم بذلك وحثهم عليه، فقال: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر60]
وقال تعالى :" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"
[البقرة:186]
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم
*********************
مختصر من مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ:ابن عثيمين رحمه الله (2/348)
مختصر من مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ:ابن عثيمين رحمه الله (2/348)
-------------
[1] البخاري (1010)