هل ثبت عن ابن مسعود أنه كان لا يعد المعوذتين من القرآن؟

 
الجواب: أما فيما يتعلق بـابن مسعود، فقد صح عنه، ولا غرابة في ذلك، وهذا دليل على أن الأمر كما قال الله عز وجل مخاطباً كل إنسان منا في عموم قوله: 
 "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً"[الإسراء:85] 
 
أن ابن مسعود رضي الله عنه الذي كان من السابقين في الدخول في الإسلام، ومع ذلك فاتته بعض الأشياء، والتي بعضها هام جداً جداً، ومن ذلك ما تضمنه هذا السؤال إذ لم يكن قد فهم فيما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أن المعوذتين من القرآن الكريم، إنما فهم أنهما معوذتان، أي: دعاء ولذلك فحرصاً منه على ألا يدخل في المصحف الذي فيه القرآن شيء غريب عنه؛ فقد كان يحكه، ويكشط كل صفحة فيها هاتان السورتان؛ لأنه لم يعلم ذلك 
 
 ولكن هذه مزية القرآن، أنه لم يجمع من شخص واحد وإنما جمع من عشرات، بل مئات الأشخاص، بعد أن كانت كتبت في صحف من نوعية غريبة في تلك الأزمان، عبارة عن أكتاف الحيوانات -عظم- أو أوراق الشجر، أو غير ذلك، إذ سخر الله عز وجل مئات الصحابة ليحفظوا القرآن كله في صدورهم أولاً، وليسطروه في الوسائل التي كانت معروفة عندهم ثانياً 
 
فلا يضرنا أبداً أن تكون هذه الرواية صحيحة وثابتة عن ابن مسعود، بل نحن نأخذ من ثبوت هذه الرواية عبرة نعالج بها الغلاة من المسلمين قديماً وحديثاً، ممن يعتبرون بيان خطأ الشيخ الفلاني غمزاً فيه وطعناً 
 
فـابن مسعود صحابي جليل، له الفضل على الإسلام والمسلمين في أنه نقل إلينا مئات الأحكام الشرعية، وكان من حفاظ القرآن، وممن يحسنون تلاوته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يثني عليه ويقول: "من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" يعني عبد الله بن مسعود، وهذا أسلوب لطيف جداً في التعبير

الشاهد: هذا الرجل الفاضل إذا وجدت له بعض الأخطاء فهي أولاً: لا يؤاخذ عليها إطلاقاً؛ لأنها لم تكن مقصودة منه، بل على العكس -كما تقدم آنفاً- كان يكشط ويحك هاتين السورتين حفظاً للقرآن الكريم من الزيادة، فهذا لا يؤاخذ عليه إطلاقاً

 ولذلك فلا عيب في أن نصرح بهذه الحقيقة، بل نستفيد من ذلك كما قلنا: أن الإنسان مهما سما وعلا فلا بد أن يكون له شيء من الأخطاء , ولذلك لم يعبأ المسلمون إطلاقاً بهذه الرواية وبهذا الخطأ الذي صدر من ابن مسعود، فسجلت السورتان في المصحف، وهما متواترتان مع المصحف كله 
 
**************
فضيلة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر