المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٣

التوفيق بين حديثي :لا عدوى و فر من المجذوم

كيف نوفق بين الحديثين الشريفين (لا عدوى ولا طيرة) و (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟   لا منافاة عند أهل العلم بين هذا وهذا وكلاهما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول))     وذلك نفي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض كالجرب تعدي بطبعها، وأن من خالط المريض أصابه ما أصاب المريض وهذا باطل، بل ذلك بقدر الله ومشيئته، وقد يخالط الصحيح المريض المجذوم ولا يصيبه شيء كما هو واقع ومعروف، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الإبل الصحيحة يخالطها البعير الأجرب فتجرب كلها، قال له عليه الصلاة والسلام: ((فمن أعدى الأول))      وأما قوله صلى الله عليه وسلم  ((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر   ((لا يورد ممرض على مصح)) ، فالجواب عن ذلك: أنه لا يجوز أن يعتقد العدوى ولكن يشرع له أن يتعاطى الأسباب الواقية من وقوع الشر وذلك بالبعد عمن أصيب بمرض يخشى انتقاله منه إلى الصحيح بإذن الله عز وجل كالجرب والجذام، ومن ذلك عدم إيراد الإبل الصحيحة على الإبل المريضة بالجرب و

أحاديث لا تصح في الأضحية

الحمد لله *عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «يا فاطمة: قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك» قالت: يا رسول الله ألنا خاصة أهل البيت أو لنا وللمسلمين قال: «بل لنا وللمسلمين» ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن علي ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  «يا فاطمة: قومي فاشهدي أضحيتك فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب أما إنه يجاء بلحمها ودمها توضع في ميزانك سبعين ضعفا» قال أبو سعيد: يا رسول الله هذا لآل محمد خاصة فإنهم أهل لما خصوا به من الخير أو للمسلمين عامة قال «لآل محمد خاصة وللمسلمين عامة»  [المصدر: ضعيف -(الترغيب والترهيب للألباني)]  *«أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله عز وجل لهذه الأمة» قال الرجل: أرأيت إن لم أجد إلا أضحية أنثى أفأضحي بها؟ قال: «لا ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل»   [قال الشيخ الألباني: ضعيف - (سنن النسائي)     *عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله ل

حكم من يتسخط إذا نزلت به مصيبة

الحمد لله      الناس حال المصيبة على مراتب أربع:    المرتبة الأولى: التسخط وهو على أنواع:   النوع الأول: أن يكون بالقلب كأن يسخط على ربه  فيغتاظ مما قدره الله عليه فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ)(الحج: من الآية11)   النوع الثاني: أن يكون باللسان كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، وهذا حرام   النوع الثالث: أن يكون بالجوارح كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب   المرتبة الثانية: الصبر فيرى أن هذا الشيء ثقيل عليه لكنه يتحمله، وهو يكره وقوعه ولكن يحميه إيمانه من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عنده وهذا واجب، لأن الله تعالى أمر بالصبر فقال: ( وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).(الأنفال: من الآية46)   المرتبة الثالثة: الرضا    بأن يرضى الإنسان بالمصيبة بحيث يكون وجودها وعدمها سواء فلا يشق عليه وجودها، ولا يتحمل لها حملاً ثقيلاً

لماذا حذر الأنبياء أقوامهم من الدجال مع أنه لا يخرج إلا في آخر الزمان

الحمد لله أعظم فتنة على وجه الأرض منذ خلق آدم إلى قيام الساعة هي فتنة الدجال كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا ما من نبي من نوح إلى محمد – صلوات الله عليهم وسلامه- إلا أنذر قومه به تنويهاً بشأنه، وتعظيماً له، وتحذيراً منه  وإلا  فإن الله يعلم أنه لن يخرج إلا في آخر الزمان ولكن أمر الرسل أن ينذروا قومهم إياه من أجل أن تتبين عظمته وفداحته   وقد صح ذلك عن النبي –عليه الصلاة والسلام- وقال ((إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم –صلوات الله وسلامه عليه يعني أكفيكم إياه- وإلا فالمرء حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم)) [1]  نعم الخليفة ربنا جلا وعلا فهذا الدجال شأنه عظيم بل هو أعظم فتنة كما جاء الحديث منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة، فكان حرياً بأن يخص من بين فتن المحيا في التعوذ من فتنته في الصلاة ((أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)) وأما الدجال فهو مأخوذ من الدجل وهو التمويه، لأن هذا مموه بل أعظم مموه، وأشد الناس دجلاً   ****************** سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى http://www.ibnotha

هل أحاديث خروج المهدي صحيحة أم لا

الحمد لله  أحاديث المهدي تنقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأول: أحاديث مكذوبة القسم الثاني: أحاديث ضعيفة  القسم الثالث: أحاديث حسنة لكنها بمجموعها تصل إلى درجة الصحة، على أنها صحيح لغيره  وقال بعض العلماء إن فيها ما هو صحيح لذاته وهذا هو القسم الرابع    ولكنه ليس المهدي المزعوم الذي يقال إنه في سرداب في العراق، فإن هذا لا أصل له،  وهو خرافة ولا حقيقة له    ولكن المهدي الذي جاءت الأحاديث بإثباته رجل كغيره من بني آدم يخلق ويولد في وقته، ويخرج إلى الناس في وقته، فهذه هي قصة المهدي     وإنكاره مطلقاً خطأ، وإثباته مطلقاً خطأ، لأن إثباته عل وجه يشمل المهدي المنتظر الذي يقال إنه في السرداب هذا خطأ، لأن اعتقاد هذا المهدي المختفي خلل في العقل، وضلال في الشرع وليس له أصل     وإثبات المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وتكاثرت فيه الأحاديث والذي سيولد في وقته ويخرج في وقته هذا حق     ^^^^^^^^^^^^  سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17973.shtml

ما حكم وصف النبي صلى الله عليه وسلم بحبيب الله

الحمد لله النبي صلى الله عليه وسلم، حبيب الله لا شك فهو حاب لله ومحبوب لله، ولكن هناك وصف أعلى من ذلك وهو خليل الله، فالرسول –عليه الصلاة والسلام- خليل الله كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً))  [1]    ولهذا من وصفه بالمحبة فقط فإنه نزله عن مرتبته، فالخلة أعظم من المحبة وأعلى، وهي كمال المحبة   فكل المؤمنين أحباء لله، ولكن الرسول –عليه الصلاة والسلام- في مقام أعلى من ذلك وهي الخلة فقد اتخذه الله خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً     لذلك نقول إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، خليل الله، وهذا أعلى من قولنا حبيب الله لأنه متضمن للمحبة، وزيادة لأنه غاية المحبة    ^^^^^^^^^^^^^^  سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى  بتصرف يسير من فتاوى العقيدة http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17973.shtml   --------------------- [1] أخرجه مسلم، كتاب الإسلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان (2203)  

دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات‏

الحمد لله هذه مسألة فقهية، ولها تعلق بالعقيدة‏‏ قال عليه الصلاة والسلام‏ ‏ ‏ (‏إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث‏:‏ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له‏) ‏(1)   (صدقة جارية)  فالعبد ينقطع عمله بموته، إلا ما تسبب في بقائه بعد موته، مثل الصدقة الجارية، كوقف مسجد أو مدرسة يدرس فيها، فما دام نفعها فأجرها يجري ما دام هذا الوقف ينتفع به‏    ‏(‏أو علم‏)‏  بأن يكون قد درّس الفقه أو العقيدة، وصار له تلاميذ، فيجري عليه أجر تعليمه، أو ألّف كتباً تنفع الناس، فيجري أجره، وهذا من العلم الذي علَّمه‏    ‏(‏أو ولد صالح يدعو له‏)‏   فهو تزوج من أجل إعفاف نفسه، وطلباً للذرية الصالحة، فجاءه ولد صالح، وهذا مما تسبب فيه، قال عليه الصلاة والسلام‏ ‏ (‏إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم‏ )(2) ‏ فإن كان صالحاً يدعو له بعد موته، فإن دعاءه يصل إليه، وهذا من عمله الذي تسبب فيه فينفعه عمل غيره‏        قال سبحانه‏:‏ ‏ {‏وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى‏} ‏ ‏[‏النجم‏:‏39‏]‏ منطوق الآية‏:‏ أن عمل الإنسان لا ينفع غيره، إلا ما تسبب فيه، فأخذ طائف

تفسير: إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض

بسم الله الرحمن الرحيم يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن    أي: إذا جمعهم الله في موقف القيامة، أخبرهم بعجزهم وضعفهم، وكمال سلطانه، ونفوذ مشيئته وقدرته، فقال معجزا لهم ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) أي: تجدون منفذا مسلكا تخرجون به عن ملك الله وسلطانه، ( فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) أي: لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم، وكمال قدرة     وأنى لهم ذلك، وهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؟! ففي ذلك الموقف لا يتكلم أحد إلا بإذنه، ولا تسمع إلا همسا، وفي ذلك الموقف يستوي الملوك والمماليك، والرؤساء والمرءوسون، والأغنياء والفقراء    ********************* تفسير سماحة الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/تفسير%20السعدي%20المسمى%20بـ%20«تيسير%20الكريم%20الرحمن%20في%20تفسير%20

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏

الحمد لله أصحاب‏:‏ جمع صاحب، والصحابي هو‏:‏ الذي لقي الرسول وهو مؤمن به ومات على ذلك، فإن آمن به ولم يلقه فليس بصحابي، ولو كان معاصراً للنبي صلى الله عليه وسلم، كالنجاشي، وكذلك يشترط الإيمان به والموت على ذلك، فبمجرد الردة والموت عليها تبطل الصحبة وسائر الأعمال   وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أفضل القرون والأمم بعد الأنبياء والرسل، وذلك لأنهم أدركوا المصطفى عليه الصلاة والسلام وآمنوا به وجاهدوا معه وتلقوا عنه العلم، وأحبهم النبي صلى الله عليه وسلم واختارهم الله لنبيه أصحاباً‏   والله يقول‏:‏ ‏ {‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً‏} ‏ ‏[‏الفتح‏:‏18‏]‏   وقال سبحانه‏:‏ ‏ {‏مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ‏[‏الفتح‏:‏29‏]‏   والصحابة أفضل القرو

الجمع بين حديث: إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها وحديث :لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

الحمد لله أولا : النصوص الشرعية لا يضاد بعضها البعض ، وإنما يوافق بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا وانظر جواب السؤال رقم : ( 147330 ) ثانيا : روى أحمد (12902) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (479) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1216) ، والبزار في "مسنده" (7408)  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) ولفظ أحمد  ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) وصححه الألباني في "الصحيحة"  وروى مسلم (2949) عن ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:  ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ ، إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ) وروى مسلم أيضا (148) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللهُ ، اللهُ ) وللجمع بين الحديث الأ

دين الله في الأرض والسماء واحد

الحمد لله دين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام‏‏ والإسلام عبادة الله وحده لا شريك له، فهذا تدين به الملائكة في السماء والإنس والجن في الأرض، وهو دين الإسلام، ومعناه بمفهومه العام‏:‏ هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك    فالإسلام دين جميع الأنبياء وأتباعهم، فكل نبي دعا قومه إلى ذلك، وكل من اتبعه على ذلك فيعتبر مسلماً، سواء من أول الخلق أو آخرهم، فهو مستسلم لله بالتوحيد ومنقاد إلى الله بالطاعة، فدين الأنبياء واحد، وشرائعهم شتى ومختلفة بسبب حاجة البشر في كل زمان ومكان، ففي الحديث‏‏ ‏ (‏الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد‏) ‏  وقال تعالى‏:‏ ‏ {‏لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً‏} ‏ ‏[‏المائدة‏:‏48‏]‏     فالله يشرع لكل نبي ما يناسب قومه ويناسب مصالحهم، ثم ينسخ الله لأمة أخرى بحسب مصالحها، فمن كان على دين نبي قبل أن ينسخ فهو مسلم، فعبادة الله بما شرعه لذلك النبي، ولكن بعد البعثة المحمدية صار الدين واحداً ونسخ الله ما قبله، وصار الدين المعتبر دينه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لأحد أن يبقى على دين من الأديان

بين الأمن والإياس

الحمد لله هذا من عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو الوسط بين الأمن من مكر الله والإياس من رحمته، فهم يرجون رحمة الله، ولا يأمنون من مكر الله، ولا من العذاب والفتنة، لكن لا يقنطون من رحمة الله، فيجمعون بين الخوف والرجاء، وهو ما كان عليه الأنبياء     قال سبحانه‏:‏ ‏ {‏إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ‏} ‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏90‏]‏  فهؤلاء هم الأنبياء، فخوفهم من الله لم يحملهم على القنوط من رحمة الله     قال سبحانه‏:‏ ‏ {‏إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ‏} ‏ ‏[‏يوسف‏:‏87‏]‏      وقال سبحانه‏:‏ ‏ {‏وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ‏} ‏ ‏[‏الحجر‏:‏56‏]‏   وأيضاً‏:‏ رجاؤهم من الله لم يحملهم على الأمن من مكر الله       قال سبحانه‏:‏ ‏ {‏أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ‏} ‏ ‏[‏الأعراف‏:‏99‏]‏‏    فإبراهيم أبو الأنبياء يقول‏:‏ ‏ {‏وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ‏} ‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏3

تفسير: وظن داود إنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب

بسم الله الرحمن الرحيم هذه الآيات في سورة (ص) وكانت في الحكم وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ (21-24)    نقول أن هذا الحُكم الذي حكم به داوود خارج عن طريقة الحُكم الصحيحة لأنه لم يستوف أركان الحُكم. كيف؟  أولاً : فزع داوود من الخصم (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَن