تليين القلب الحجر

 
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه 
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم قلوباً رقيقة لذكره وشكره, اللهم إنا نسألك 
قلوباً ترضيك عنا يا ذا الجلال والإكرام, نسألك أن ترقق قلوبنا, وأن تعيذنا من قسوة القلوب 
 
إن من أعظم الأسباب التي تلين لها القلوب 
  أن يكثر الإنسان من الدعاء, ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله جل وعلا أن يعيذه من القلب القاسي ففي الحديث الصحيح أنه قال: 
  (اللهم إني أعوذ بك من عين لا تدمع, ومن قلب لا يخشع, ومن دعاء لا يُسمع, ومن علم لا ينفع, أعوذ بك من هؤلاء الأربع) فسل الله أن يعيذك من قسوة قلبك 
 
 ابحث عن الأسباب التي قسا بها قلبك 
فتش عن ذنوبك بينك وبين الله, وفتش عن حقوق الله التي أضعتها, وحدوده ومحارمه التي جاوزتها وانتهكتها فاستغفر الله ثم تب إلى الله وأنب إليه جل جلاله 
 
  بعد الدعاء والبحث عن الأسباب التي تقسي القلوب من حقوق الله 
كذلك حقوق العباد, فقد يكون هناك مظلوم ظلمته, أو محروم حرمته, فرفع كفه إلى ربه جل وعلا فاستجاب الله دعوته, وقال الله لدعوته (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) فأصابتك دعوة الرجل الصالح   فاسأل الله عز وجل أن يغفر لك, وأن يذهب عنك ذنوب ما كان من آثار ذنوب العباد وظلمهم,  وفتش عن حقوق الناس فيما بينك وبين أهلك وأولادك وزوجك وجيرانك وأرحامك  
 
 فتش عن نفسك فلابد من وجود أمر 
 إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11] فاتق الله في نفسك وفيمن ولاك الله من أهلك وولدك وغيرهم  
 
 خذ بالأسباب التي ترقق القلوب 
 ومن أعظمها أن تكثر من ذكر الآخرة, فالقلب لا يقسو إلا من الدنيا, والدنيا لا يذكرها الإنسان إلا إذا طال أمله وأصبح يؤمل فيها الآمال, ولا يطول أمل الإنسان إلا من طالت غفلته عن الآخرة والعياذ بالله, ولا تطول غفلة الإنسان عن الآخرة إلا إذا قلل من ذكرها  
 
 فأصبح العلاج أن تكثر من ذكر الآخرة  
فإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل, فهذه من أعظم الأسباب , قصر الأمل في الدنيا, فإنه يعين على رقة القلوب, وكثرة  ذكر الموت والبلاء, وقرب المصير إلى الله جل وعلا, كل ذلك مما يرقق القلوب  
 
 ومما يرقق القلوب  
أن تشيع الجنائز، وأن ترى ما هي سائرة إليه من عذاب أو جوائز, أن تشيع الجنائز وتعيش مع  أهلها حتى إذا غادروها نظرت إليها وحيدة فريدة قد تولى عنها الآباء والأبناء والإخوان والأصدقاء, فأصبحت رهينة القول والعمل، فدعاك ذلك إلى أن تنيب إلى الله جل وعلا فيرجف قلبك من خشية الله, وتذهب عنه القسوة  
 
  ثم كذلك مما يعين على رقة القلوب  
زيارة المرضى، والنظر في أحوالهم, واسمع بأذن واعية إلى ما هم فيه من الآلام والأسقام،وسل الله العافية, انظر إلى تلك الأجساد التي كانت تتمتع بالصحة والعافية، رجل كالجبل,  فيضربه الله بنقمة من النقم يخر صريعاً لا يستطيع أن يبرح مكانه   
 
 فإن العبد تراه غنياً ثرياً ظالماً غاشماً حتى يضربه الله بمرض في قلبه أو في مخه أو في قدمه, ولا يستطيع أن يبرح فراشه، يئن كما يئن الطفل الصغير, ينسى أهله, ينسى أولاده, ينسى ماله, والله لو خير في لحظات شدة الألم بين جميع التجارات التي جمعها في حياته لدفعها، وأصبحت نفسه أحقر ما تكون وأهون ما تكون عليه  فلذلك ينبغي للإنسان أن يقف في هذه المواقف لكن لا يقف بقلب غافل، بل يقف وهو معتبر, متبصر مدكر 
 
كذلك أيضاً مما يرقق القلوب 
الإحسان إلى الناس ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الراحمين يرحمهم الله  نريد رقة القلب ونحن أبخل الناس يداً! ونحن أكثر الناس تكبراً وتعنتاً! ونحن أفظ الناس وأغلظهم قولاً! لا شك أن هذه الأمور تحتاج إلى مجاهدة وإلى عمل صالح وإلى قربة 
  فنسأل الله العظيم أن يرزقنا رقة القلوب
 
========
فضيلة الشيخ محمد مختار الشنقيطي




المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )