ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ، وواقع المسلمين اليوم

السؤال: قال الله تعالى  ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) ، على ضوء هذه الآية الكريمة كيف نفسر ظهور عكسها في أيامنا هذه ، حتى على عباد الله تعالى الصالحين ؟ 
  الحمد لله
الآية الكريمة الواردة في السؤال هي قول الله تعالى – في معرض ذكر المنافقين وبيان وصفهم ( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) النساء/141

وقد ظن بعض الناس أنها تتعارض مع واقع المسلمين اليوم ، بل وعبر التاريخ ، حيث تسلط الكفار في كثير من العقود على المسلمين ، ونالوا منهم قتلا واحتلالا وغصبا
وهذا خطأ ظاهر في فهم الآية ، سببه عدم الاعتماد على أقوال المفسرين ، وعدم التأمل في الدلالات اللغوية والسياق الذي وردت فيه ، فقد قال المفسرون في توجيه الآية الكثير من الأقوال ، يصلح كل منها جوابا على هذا الإشكال 

القول الأول :
أن شرط الإيمان المذكور في قوله تعالى ( على المؤمنين ) لم يتحقق في فترات تسلط الكفار ، فبحسب النقص من الإيمان كان العدوان ، والله عز وجل لا يخلف وعده 

 إلا أن يكون عباده هم الذين نكثوا وقصروا
وهذا القول هو الذي وجدناه يميل إليه أكثر المحققين من المفسرين 

يقول القرطبي رحمه الله – في معرض ذكر الأقوال في الآية:
  أن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ، إلا أن يتواصوا بالباطل ، ولا يتناهوا عن المنكر ، ويتقاعدوا عن التوبة ، فيكون تسليط العدو من قبلهم ، كما قال تعالى 
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) 

 ويدل عليه قوله عليه السلام في حديث ثوبان  ( حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا ) ، فيقتضي ظاهر الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم ، إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض ، وسبي بعضهم لبعض ، وقد وجد ذلك في هذه الأزمان بالفتن الواقعة بين المسلمين ، فغلظت شوكة الكافرين ، واستولوا على بلاد المسلمين حتى لم يبق من الإسلام إلا أقله ، فنسأل الله أن يتداركنا بعفوه ونصره ولطفه " 

 انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (5/419) ، وانظر " أحكام القرآن " لابن العربي (1/640)   
   
===========
مختصر من الإسلام سؤال وجواب

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

تليين القلب الحجر