تفسير : فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات
قوله تعالى في المصطفين الذين أورثهم الله الكتاب :
{ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ }فاطر32
اشترك هؤلاء الثلاثة في
أصل الإيمان ، وفي اختيار الله لهم من بين الخليقة ، وفي أنه منَّ عليهم بالكتاب ،
وفي دخول الجنة ، وافترقوا في تكميل مراتب الإيمان ، وفي مقدار الاصطفاء من الله
وميراث الكتاب ، وفي منازل الجنة ودرجاتها بحسب أوصافهم
أما الظالم لنفسه:
فهو المؤمن الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، وترك من واجبات الإيمان
ما لا يزول معه الإيمان بالكلية
وأما
المقتصد:
فهو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات ، ولم يكثر من نوافل العبادات ، وإذا
صدر منه بعض الهفوات بادر إلى التوبة فعاد إلى مرتبته ، فهؤلاء أهل اليمين ، وأما
من كان من أصحاب اليمين : { فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ
الْيَمِينِ }
وأما
السابق إلى الخيرات:
فهو الذي كمل مراتب الإسلام ، وقام بمرتبة الإحسان ، فَعَبَدَ
الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه فإنه يراه ، وبذل ما استطاع من النفع لعباد الله
، فكان قلبه ملآنا من محبة الله والنصح لعباد الله ، فأدى الواجبات والمستحبات ،
وترك المحرمات والمكروهات وفضول المباحات المنقصة لدرجته ، فهؤلاء هم صفوة الصفوة ،
وهم المقربون في جنات النعيم إلى الله ، وهم أهل الفردوس الأعلى
فإن الله كما أنه رحيم واسع الرحمة فإنه حكيم ينزل الأمور منازلها ، ويعطي كل أحد بحسب حاله ومقامه ، فكما كانوا هم السابقين في الدنيا إلى كل خير كانوا في الآخرة في أعلى المنازل ، وكما تخيروا من الأعمال أحسنها جعل الله لهم من الثواب أحسنه وخيار هؤلاء الأنبياء على مراتبهم ، ثم الصديقون على مراتبهم ، ولكل درجات مما عملوا ، فسبحان من فاوت بين عباده هذا التفاوت العظيم ، والله يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم
فإن الله كما أنه رحيم واسع الرحمة فإنه حكيم ينزل الأمور منازلها ، ويعطي كل أحد بحسب حاله ومقامه ، فكما كانوا هم السابقين في الدنيا إلى كل خير كانوا في الآخرة في أعلى المنازل ، وكما تخيروا من الأعمال أحسنها جعل الله لهم من الثواب أحسنه وخيار هؤلاء الأنبياء على مراتبهم ، ثم الصديقون على مراتبهم ، ولكل درجات مما عملوا ، فسبحان من فاوت بين عباده هذا التفاوت العظيم ، والله يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم
==========
سماحة الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى
مختصر من كتاب تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام