إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال
الحمد لله
الأمانة : تطلق على معان متعددة، منها ما ائتمنه الله على عباده من العبادات التي كلفهم بها ، فإنها أمانة اتئمن الله عليها العباد
ومنها : الأمانة المالية، وهي الودائع التي تعطى للإنسان ليحفظها لأهلها
والعارية : يعطيك شخص شيئاً يعيرك إياه من الأمانة
ومن الأمانة أيضاً: أمانة الولاية وهي أعظمها مسؤولية
ومن الأمانات : ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يحب أن يطلع عليها أحد، فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها
ومن الأمانات : ما يكون بين الرجل وصاحبه من الأمور الخاصة التي لا يحب أن يطلع عليها أحد، فإنه لا يجوز لصاحبه أن يخبر بها
ومن ذلك أيضاً : ما يكون بين الرجل وزوجته من الأشياء الخاصة
وقال تعالى :
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72)
عرض الله الأمانة وهي التكليف والإلزام بما يجب ، على السموات والأرض والجبال، ولكنها أبت أن تحملها لما فيها من المشقة، ولما تخشى هذه الثلاثة - الأرض والجبال والسموات - من إضاعتها (1)
فإن قال قائل: كيف يعرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال ، وهي جماد ليس لها عقل ولا تشعر
فالجواب: أن كلّ جماد فهو بالنسبة لله عزّ وجلّ عاقل يفهم ويمتثل. أرأيت إلى قوله تعالى فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الله تعالى لما خلق القلم قال له " اكتب". فخاطب الله القلم وهو جماد ، وردّ عليه القلم قال: " وماذا اكتب؟" لأن الأمر مجمل، ولا يمكن الامتثال للأمر المجمل إلا ببيانه ، قال " اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة" فكتب القلب بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة[306]. هذا أمر وتكليف وإلزام
فهنا بين الله عزّ وجلّ أنه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال ، فأبت أن تحملها
وقال تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)(فصلت:11)
فخاطبها بالأمر وقال: ائتيا طوعاً أو كرهاً ، فقالتا : أتين طائعين. ففهمت السموات والأرض خطاب الله ، وامتثلتا وقالتا : أتينا طائعين
وعصاه بني آدم يقولون: سمعنا وعصينا.وفضله على كثير ممن خلق تفصيلا. والرسل الذين أرسلهم الله عز وجل للإنسان . ويبينوا لهم الحق من الضلال، فلم يبق لهم عذر،ولذلك وصف الإنسان بأنه ظلوم جهول
فاختلف العلماء هل " الإنسان" هنا عام ، أم خاصّ بالكافر، فقال بعض العلماء : إنه خاص بالكافر ، فهو الظلوم الجهول. أما المؤمن فهو ذو عدل وعلم وحكمة ورشد. وقال بعض العلماء: بل هو عام والمراد الإنسان بحسب طبيعته ، أما المؤمن فإن الله من عليه بالهداية ، فيكون مستثنى من هذا
وإياً كان فمن قام بالأمانة انتفى عنه وصف الظلم والجهالة التي في قول الله تعالى
( وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب:72)
وعصاه بني آدم يقولون: سمعنا وعصينا.وفضله على كثير ممن خلق تفصيلا. والرسل الذين أرسلهم الله عز وجل للإنسان . ويبينوا لهم الحق من الضلال، فلم يبق لهم عذر،ولذلك وصف الإنسان بأنه ظلوم جهول
فاختلف العلماء هل " الإنسان" هنا عام ، أم خاصّ بالكافر، فقال بعض العلماء : إنه خاص بالكافر ، فهو الظلوم الجهول. أما المؤمن فهو ذو عدل وعلم وحكمة ورشد. وقال بعض العلماء: بل هو عام والمراد الإنسان بحسب طبيعته ، أما المؤمن فإن الله من عليه بالهداية ، فيكون مستثنى من هذا
وإياً كان فمن قام بالأمانة انتفى عنه وصف الظلم والجهالة التي في قول الله تعالى
( وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب:72)
=============
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
من شرح رياض الصالحين المجلد الثاني باب الأمر بأداء الأمانة
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18035.shtml
-------------------------
(1) قلت :عرض تخيير لا تحتيم، ( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربهن، ولا زهدًا في ثوابه
" انتهى من تفسير الشيخ السعدي ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) "
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18035.shtml
-------------------------
(1) قلت :عرض تخيير لا تحتيم، ( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربهن، ولا زهدًا في ثوابه
" انتهى من تفسير الشيخ السعدي ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) "
306 أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في القدر، رقم (4700) ، والترمذي، كتاب القدر، باب رقم (17)حديث رقم (2155)، والإمام أحمد في المسند (5/317)