توبة القاتل عمداً

بسم الله الرحمن الرحيم 
 (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) 
  فهذه خمس عقوبات والعياذ بالله لمن قتل مؤمناً متعمداً : جهنم ، خالداً فيها, وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذاباً عظيماً , فإن قتل النفس التي حرم الله بغير حق من كبائر الذنوب 
 
ولكن إذا تاب الإنسان من هذا القتل فهل تصح توبته؟
جمهور العلماء على أن توبته تصح؛ لعموم قوله تعالى 
 (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) (الفرقان:68-71) 
 فهنا نص على أن من تاب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وآمن وعمل عملاً صالحاً، فغن الله يتوب عليه
 
وقال تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) 
 
ولكن بماذا تكون التوبة؟ 
 قتل المؤمن عمداً يتعلق به ثلاثة حقوق : الحق الأول : حق الله ، الحق الثاني: حق المقتول،  الحق الثالث: حق أولياء المقتول
 
أما حق الله : فإذا تاب منه تاب اله عليه ولا شك في هذا
وأما حق المقتول: فالمقتول حقه عنده، وهو قد قتل الآن ولا يمكن التحلل منه في الدنيا 
 
 ولكن هل توبته تقتضي أن يتحمل الله عنه حق المقتول فيؤديه عنه أم لابد من أخذه بالاقتصاص منه يوم القيامة
ظاهر الآيات الكريمة التي ذكرناها في سورة الفرقان يقتضي أن الله يتوب عليه توبة تامة، وأن الله جل وعلا من كرمه ولطفه وإحسانه إذا علم من عبده صدق التوبة فإنه يتحمل عنه حق أخيه المقتول
 
أما الحق الثالث : فهو حق أولياء المقتول، وهذا لابد من التخلص منه، لأنه يمكن للإنسان أن يتخلص منه، وذلك بأن يسلم نفسه إليهم ويقول لهم: أنا قتلت صاحبكم فافعلوا ما شئتم 
 
 وحينئذ يخيرون بين أمور أربعة: إما أن يعفوا عنه مجاناً ، وإما أن يقتلوه قصاصاً، وأما أن يأخذوا الدية منه، وإما أن يصالحوه مصالحة على أقل من الدية أو اعلى الدية، وهذا جائز بالاتفاق 
 
===========
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله 
من شرح رياض الصالحين , المجلد الثاني
باب تحريم الظلم والأمر بردّ المظالم

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

تليين القلب الحجر